hassan hamed

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    علوم القران الكريم

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 235
    تاريخ التسجيل : 04/12/2009

    علوم القران الكريم Empty علوم القران الكريم

    مُساهمة  Admin الأربعاء ديسمبر 09, 2009 2:56 pm

    الحمد لله الذي أنزل القرآن على عبده ليكون للعالمين نذيرًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

    فإن من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى على هذه الأمة، أن أرسل إليها رسوله محمدًا (صلى الله عليه وسلم) بشيرًا ونذيرًا، ثم أنزل عليه هذا القرآن العظيم، وجعله هداية للناس ورحمة وشفاءً، وأمرهم بتلاوته وتدبره والعمل به، وكلمة "قرآن" في اللغة: مصدر مأخوذ من (قرأ) بمعنى القراءة والتلاوة، وهو عند الإطلاق -لا يختلف اثنان من المسلمين أن المقصود به- كلام الله تعالى الموجود بين دفتي المصحف المنقول إلينا نقلاً متواترًا المنزل على رسوله (صلى الله عليه وسلم) لهداية الناس.

    نزول القرآن:

    هذا القرآن العظيم أنزله الله على رسوله (صلى الله عليه وسلم) وقد ورد التصريح بذلك في القرآن العظيم يقول الله تعالى: كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد [ابراهيم:1] وقال تعالى: تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ويقول أيضًا: حم، تنزيل الكتاب من الله العزيز العليمويقول:تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين.

    والآيات كثيرة جدًا في هذا الأمر مبينة أنه مُنزّل من عند الله، وفي هذا تشريف لهذا القرآن وتكريم لهذا الكتاب وبيان لعلو منزلته.



    كيفية نزوله:

    نزل القرآن جملةً من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا في الليلة المباركة وهي ليلة القدر من شهر رمضان المبارك، وهذا ظاهر من قوله تعالى: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن [البقرة:185] وقوله: إنا أنزلناه في ليلة مباركة [الدخان:3] وقوله: إنا أنزلناه في ليلة القدر [القدر:1].

    روى ابن جرير عن عبدالله بن عباس (رضي الله عنه) في قوله تعالى: إنا أنزلناه في ليلة القدر قال: نزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر في رمضان إلى السماء الدنيا جامع البيان ج15/258.

    وما كان لعبدالله بن عباس (رضي الله عنه) أن يقول ذلك بمحض رأيه، أو من عند نفسه، وهذا هو التنزل الأول ثم أنزل على الرسول (صلى الله عليه وسلم) منجماً ومفرقاً في ثلاث وعشرين سنة من بعثته إلى وفاته (صلى الله عليه وسلم) حسب الوقائع والأحداث.

    والمتأمل في نزول القرآن على هاتين الصفتين يتبين له بعض الحِكم.



    فأما الحكمة من نزوله جملة واحدة فهي:

    تفخيم أمر هذا القرآن العظيم وتعظيم قدر المنزل عليه وهو محمد (صلى الله عليه وسلم) خاتم الرسل وأشرف الخلق، وفيه أيضًا تكريم من ينزل عليهم وهم المسلمون، وفيه أيضًا تفضيل هذا القرآن الكريم على غيره من الكتب السماوية الأخرى وذلك بأن جمع الله له النزولين: النزول جملة والنزول مفرقًا.



    وأما الحكمة من نزوله منجمًا:

    فهي كثيرة وظاهرة، من ذلك تثبيت فؤاد الرسول (صلى الله عليه وسلم) كما صرّحت بذلك الآية في قوله تعالى: وقال الذين كفروا لولا نزّل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً [الفرقان:32]، فكلّما حزن الرسول (صلى الله عليه وسلم) على عدم إيمان قومه وكلما ازداد عنادهم له وإيذاؤهم إياه كان نزول الآيات عليه بين فترة وأخرى تذكرة، وتبصرة، وتقوي صلته بربه وتبين له صبر الأنبياء قبله، وتدعوه إلى التأسي بهم وفي هذا من تثبيت فؤاده ما لا يخفى.

    وفيه من الحِكم أيضًا: تيسير حفظه وفهمه، فلو نزل جملة واحدة على الرسول (صلى الله عليه وسلم) لكان في ذلك مشقة كبيرة والأمة أمية في جملتها لا تقرأ ولا تكتب، ولا شك أن نزوله منجمًا فيه تيسير لحفظه وفهمه وتسهيل للعمل به.



    وفيه أيضًا من الحكم: التدرج في التشريع:

    وهذا ما بينته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إذ تقول: "إنما نزل من القرآن أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا: لا ندع الخمر أبدًا، ولو نزل: لا تزنوا، لقالوا: لا ندع الزنا أبداً ..". وهكذا في بقية الأحكام وغالبًا ما يكون الإجمال في العهد المكي ثم التفصيل في العهد المدني.

    ومن الحِكم أيضًا: الدلالات القاطعة على أن القرآن الكريم من عند الله العزيز الحكيم فنزول القرآن مفرقًا في نحو ثلاث وعشرين سنة على فترات مختلفة الآية أو الآيات ثم يجده القارئ متناسق الآيات والسور، لا تنافر فيه ولا تعارض يدل دلالة ظاهرة أنه من حكيم حميد.

    هذه بعض الحِكم من نزول القرآن مفرقًا في هذه المدة وقد حرص الصحابة (رضي الله عنهم) على هذا القرآن العظيم فعلموا نزوله متى وأين، فعلموا منه ما نزل في مكة وما نزل في المدينة وما نزل في غيرهما من الأماكن التي ذهب إليها الرسول (صلى الله عليه وسلم) وعلموا منه ما نزل في الليل وما نزل في النهار وما نزل في الحضر وما نزل في السفر وما نزل في الشتاء وما نزل في الصيف.

    يقول عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) : "والله ما من آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت ومتى نزلت ولو أعلم أحدًا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لأتيته"، ويقول أيضًا: "لقد أخذت سبعين سورة من في الرسول (صلى الله عليه وسلم)".

    وهكذا كان اهتمامهم بالقرآن العظيم وقت نزوله وبعد نزوله.



    خصائص القرآن العظيم :

    لقد اختص الله هذا الكتاب العزيز بخصائص كثيرة، وليس من السهل أن نستوعب هذه الخصائص بالحديث عنها ولكن نشير إلى بعضها إشارة وجيزة.

    فمن أهم هذه الخصائص:

    أنه من عند الله عز وجل فلا ينسب إلا لله سبحانه وتعالى فيقال كلام الله ولذا في القرآن العظيم التصريح بأنه منزل من عند الله قال تعالى: تنزيل من رب العالمين [الواقعة:80] وقال تعالى: تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم [الزمر:1].

    وقال تعالى: وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون [التوبة:6]، وغير ذلك من الآيات.

    ومن خصائصه أيضًا، أنه نزل باللغة العربية كما بين الله ذلك في أكثر من آية من كتابه، فنزل على سبعة أحرف، كل منها كافٍ شافٍ.

    فالقرآن هو الحجة التي أظهرها الله جل وعلا على يد نبيه (صلى الله عليه وسلم) وتحدّى الناس أن يأتوا بمثله أو بعشر سور منه أو بسورة من مثله وما استطاعوا ولن يستطيعوا ولو اجتمع الإنس والجن، ولم يدع المشركون سبيلاً للقضاء عليه إلا سلكوه فوصفوه بالسحر مع علمهم أنه ليس كذلك ووصفوه بالشعر مع علمهم أنه ليس كذلك ثم قالوا: "لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون" [فصلت:26]، وليس القرآن معجزًا بأسلوبه فحسب بل إعجازه أكبر من أن يحيط به أهل عصر. فهناك الإعجاز العلمي، والغيبي وغير ذلك مما يستجد ويظهر في جيل بعد جيل، وما زالت وجوه الإعجاز فيه تتجدد كتجدد الليل والنهار.

    ومن خصائص هذا القرآن العظيم: حفظ الله له، كما قال تعالى: إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنا له لحافظون [الحجر:26].

    والقرآن وحده تعهد الله بحفظه أما الكتب قبله فقد أوكل الله حفظها إلى أهلها قال تعالى: إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء [المائدة:44]، ومع ذلك قام أهلها بتحريفها وتبديلها أما القرآن مع كثرة أعدائه، وحرصهم على تحريفه لم يستطيعوا زيادة حرف أو نقصانه، وهذا هو السر في قول الله تعالى: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون. ولذا أجمع المسلمون على أن طريقة أخذ القرآن هي التلقي من أفواه المشايخ وهذه هي الخاصية التالية ألا وهي:

    اتصال السند وأخذه بالتلقي، فإذا كان القرآن الكريم اختص من بين سائر الكتب بأنه يتلقى مشافهة، ولا يكتفى بدراسته من المصاحف بدون معلم فإن هذا يعني اتصال سند كل مسلم برسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن جبريل عليه السلام عن ربه جل وعلا وبهذا يكون سند القرآن في كل عصر متصلاً برسول الله (صلى الله عليه وسلم) وليس هذا لكتاب غير القرآن الكريم، فقد شرّف الله هذه الأمة باتصال سندها برسولها (صلى الله عليه وسلم). ومن خصائصه أيضًا: تيسير حفظه وتلاوته، وقد بيّن الله ذلك بقوله: ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر [العَمر:17] قال مجاهد: هوّنّا قراءته.

    وهذا جليّ لا يحتاج إلى بيان فهذا الأعجمي لا يعرف اللغة العربية لا نطقًا ولا معنى، ولا يخرج الحرف العربي من مخرجه سليمًا، تراه وهو يقرأ القـرآن فيرتله ترتيلاً، تخرج حروفه من مخارجها سليمة من حيث الفصاحة وسلامة النطق ثم تسمعه أيضًا يستظهر القرآن عن ظهر قلب من أوله إلى آخره.

    إن هذا لمن أعجب الصور في تيسير القرآن العظيم، وصورة أخرى من هذا القبيل إذ تنظر إلى الصبي الذي لا يتجاوز العاشرة من عمره يتردد على حلقات تحفيظ القرآن الكريم فلا يلبث إلا زمنًا يسيرًا فإذا به قد حفظه وأجاد تلاوته واستقام به لسانه وحسن به نطقه بل هذب أخلاقه وليس هذا وحده بل الأمي الذي لا يعرف القراءة والكتابة وقد بلغ في العمر مبلغًا تراه يستمع إلى قراءة القرآن عبر أشرطة الكاسيت فلا يمضي عليه زمن إلا وقد حفظ منه الشيء الكثير، ومثل هذا في جانب التلاوة فالتلاوة ميسرة في ذاتها وسهولتها وميسرة في وفرة المصاحف وكثرتها المقروء منها والمسموع كاملاً ومجزءاً، فيقرؤه المسلم في كل وقت وحين في مسجده ومنزله ومتجره ومكتبه وطريقه. وهذا تحقيق لقوله تعالى: ولقد يسّرنا القرآن .

    وليست هذه خصائص القرآن الكريم فحسب بل هناك خصائص كثيرة يصعب حصرها في مثل هذه العجالة. فهو يفي بحاجات البشر مع عدم تصادمه مع الحقائق العلمية، وهو أيضًا ذو تأثير قوي في النفوس مع ما فيه من تأثير على الأمراض فهو شفاء ودواء من كثير من الأمراض النفسية والحسية، وفيه المتعة والأنس والسلوان في قراءته وترتيله فلا يُمل مع كثرة القراءة بل هو سبب من أسباب انشراح الصدر فهو أعظم الذكر والذكر يطمئن به القلب، وفي الآخرة يأتي شفيعًا لأصحابه الذين قضوا أوقاتهم في تعلمه وتعليمه وتعبدوا الله بتلاوتة، ومع هذا فهو سبب لرفع الدرجات وتكفير السيئات بما يترتب على قراءته من الأجر العظيم.



    فضل تلاوة القرآن:

    لقد أمرنا الله عز وجل بتلاوة هذا القرآن وتدبره والعمل به والتمسك بهديه، ووعد الذين يتلونه ويعملون به أجرًا عظيمًا ومنزلة عالية في الجنة فقال تعالى: إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرًا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور [فاطر:29-30].

    وهناك آيات كثيرة آمرة بتلاوة القرآن العظيم كقوله تعالى: فاقرأوا ما تيسر منه [المزمل:20] وقوله: ورتل القرآن ترتيلا [المزمل:4].

    وقد بيّن الرسول (صلى الله عليه وسلم) جزاء من قرأ القرآن وذلك بمضاعفة الأجروالترقي في درجات الجنان، وشفاعة القرآن لصاحبه، فمن ذلك ما روته عائشة رضي الله عنها قالت: : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران".

    وما رواه الترمذي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها لا أقول (الم) حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف".

    وهذا فضل عظيم، وأجر كبير لقارئ القرآن.

    وتلاوة القرآن حلية لأهل الإيمان فالمؤمن الذي يقرأ القرآن طيب الظاهر والباطن كالأترجة ريحها طيب وطعمها طيب وتلاوة القرآن أعظم مـن كنوز الدنيا فخير الناس من تعلم القرآن وعلمه، وهذه بشارة عظيمة لمن تعلّم القرآن وعلّمه، ولا شك أن السلف الصالح (رضوان الله عليهم) أدركوا هذه الخيرية التي يتميز بها معلم القرآن ومتعلمه فحرصوا على بلوغها، فهذا أبو عبدالرحمن السلمي بقي يقرئ الناس القرآن في مسجد الكوفة أربعين سنة، فهنيئًا لأهل القرآن بهذا الفضل العظيم والمنزلة السامية.

    وما ورد في فضل تلاوة القرآن العظيم شيء عظيم وأكثر من أن يحصر في مثل هذه العجالة.

    ولذا كان السلف الصالح يختمون القرآن في كل شهر مرة ومنهم من يختمه في كل عشر ومنهم من يختمه في كل أسبوع.

    فخير ما قضيت فيه الأوقات هو تلاوة القرآن العظيم وتدبره والتفكر في معانيه.



    جمع القرآن:

    لقد تكفل الله عز وجل بحفظ القرآن العظيم ووعد رسوله (صلى الله عليه وسلم) بجمعه له فقال تعالى: إنا علينا جمعه وقرآنه [القيامة:17].

    والقرآن الكريم اجتمع له ما لم يجتمع لغيره من الكتب السابقة فاعتمد في طريقة نقله المشافهة والحفظ والكتابة والتدوين.

    أما الحفظ والمشافهة فقد جمع القرآن على عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) كثير من الصحابة كالخلفاء الأربعة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وغيرهم كثير، فكان الرسول (صلى الله عليه وسلم) إذا نزلت عليه الآيات تلاها على أصحابه وحفّظهم إياها فكان الصحابة يحفظون القرآن ولا أدل على ذلك من استشهاد حملة القرآن في بئر معونة وفي معركة اليمامة.

    أما حفظه بمعنى كتابته وتدوينه فتم في زمن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أيضًا يقول كاتب الوحي زيد بن ثابت:كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نؤلف القرآن من الرقاع، فكانوا يكتبون الآيات في العسب واللخاف والرقاع وغير ذلك مما هو متيسر من أدوات الكتابة آنذاك، فكتب القرآن كاملاً على عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلا أنه لم يكن مرتبًا كما هو الآن بين أيدينا لأن ترتيبه هذا كان معلومًا للصحابة (رضوان الله عليهم) في صدورهم ومحفوظهم.

    أما بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) فقد دعت الضرورة إلى كتابته وترتيبه بمحضر من حفظته لا سيما بعد استشهاد كثير من حملته من جهة ومن جهة أخرى دخول الناس في دين الله أفواجًا وهم لا يعرفون من القرآن شيئًا.

    قال زيد بن ثابت: أرسل إليَّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده فقال أبو بكر: إن عمر بن الخطاب أتاني، فقال : إن القتل قد استحرّ بقراء القرآن وإني أخشى أن يسحّر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن، فقلت لعمر: كيف نفعل شيئًا لم يفعله الرسول (صلى الله عليه وسلم) ؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك رأي عمر، قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) فتتبع القرآن فاجمعه، والله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان عليّ أثقل مما أمرت به من جمع القرآن.

    فقام به خير قيام وكان كما وصفه أبو بكر (رضي الله عنه) وهو مع ذلك ممن شهد العرضة الأخيرة والصحابة (رضوان الله عليهم) يعرفون ذلك. وكانت الكتابة على أعلى درجات الدقة والتوثيق فكان زيد لا يكتفي بما عنده ولا بما عند الصحابة أيضًا إلاّ بشهادة رجلين أنه كتب أمام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولهذه الشهادة فوائد جمة أعظمها التوثيق فيما يكتب، وانتهى العمل بكل اطمئنان وثقة، وكان مدة الجمع ما يقارب من عام ووضعت الصحف عند أبي بكر (رضي الله عنه) فلما توفي صارت إلى عمر (رضي الله عنه) فلما توفي صارت إلى حفصة رضي الله عنها حتى طلبها الخليفة عثمان (رضي الله عنه) فنسخ منها.

    وكان عمل الصديق (رضي الله عنه) محل إكبار الصحابة (رضي الله عنه) كما قال علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : "أعظم الناس في المصاحف أجرًا أبو بكر رحمة الله على أبي بكر هو أول من جمع كتاب الله".

    وفي أيام الخليفة عثمان بن عفان (رضي الله عنه) اتسعت الفتوحات الإسلامية وكان كل صحابي يعلم الناس بالحرف الذي أتقنه على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فكثر الخلاف بين المسلمين وكل يصحح قراءته دون الأخرى فراع ذلك بعض الصحابة كحذيفة بن اليمان حتى قال لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأدرك عثمان عِظم الأمر وقال للصحابة، اجتمعوا يا أصحاب محمد واكتبوا للناس إمامًا. فأرسل إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقام عثمان بن عفان (رضي الله عنه) بإرسال نسخ منها إلى أقطار المسلمين.

    وتميز هذا الجمع بـ:

    ترتيب سور القرآن في كل المصاحف.
    أنه لم يكتب إلا ما كان قرآنًا أما الكلمات التفسيرية فلم تكتب.
    توحيد الرسم في النص القرآني لدى جميع الأمصار.
    اتفق الصحابة رضي الله عنهم على هذا العمل وعدوه من مفاخر عثمان وحسناته، من ذلك قول الإمام علي (رضي الله عنه) لا تقولوا في عثمان إلا خيرًا فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلاّ على ملءٍ منا.
    وبهذا العمل جمع الله الأمة وسُمي مصحف الإمام فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيرًا
    [b]

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت مايو 11, 2024 6:12 pm