hassan hamed

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    القانون والسياسه داخل المحكمه

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 235
    تاريخ التسجيل : 04/12/2009

    القانون والسياسه داخل المحكمه Empty القانون والسياسه داخل المحكمه

    مُساهمة  Admin الإثنين ديسمبر 07, 2009 7:35 am

    كشفت مصادر قريبة من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أنه لا يرى وسيلة لتسوية أزمة السودان مع المحكمة الجنائية الدولية ما لم تتحرك الخرطوم بإجراءات قانونية ضد وزير الدولة للشؤون الإنسانية أحمد هارون، والقيادي في (قوات الدفاع الشعبي) علي كوشيب اللذين طالبت المحكمة بمحاكمتهما بتهمة ارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور المضطرب.

    بتعبير آخر هناك ربط للتسوية مع الرئيس السوداني عمر حسن البشير بموقفه المنتظر من هارون وكوشيب. ويبقى السؤال مطروحاً حول مدى جديّة القضاء الدولي من خلال المحكمة الجنائية الدولية، التي تأسست في وثيقة روما سنة 1998، وصارت مؤسسة قضائية دولية مستقلة في العام 2002، بعدما صادقت على تلك الوثيقة أكثر من مئة دولة.

    إن هذا الالتباس بين القانوني والسياسي هو الذي سيطرح أكثر من سؤال حيال تطور القانون الدولي الجنائي، ومدى قدرته على التخلص من الضغوط السياسية، والاعتبارات السياسية التي تطغى على العلاقات الدولية، وعلى منظمة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية.

    يتضح الالتباس أكثر عندما ندرك انقسام مجلس الأمن المكوّن من خمسة عشر عضواً إلى ثمانية في مقابل سبعة حيال مطالبة مدّعي عام المحكمة الجنائية الدولية، المحامي الأرجنتيني لويس مورينو أوكامبو، بالقبض على الرئيس السوداني ومحاكمته بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور، بوصفه صاحب القرار الأول في مجريات الأحداث كما أعلن المدّعي العام!

    بصرف النظر عن الاعتبارات القانونية التي سننافشها، يتضح انقسام مجلس الأمن لاعتبارات سياسية، ناتجة عن مصالح الدول الأعضاء. وهذه حقيقة ماثلة أمام المجتمع الدولي منذ أن تكوّن مجلس الأمن الدولي عشية نهاية الحرب العالمية الثانية، في العام 1945، بحيث جسّد في تكوينه وفي قراراته اللاحقة تعبيراً عن القوى الدولية المسيطرة على النظام الدولي، وصولاً إلى بروز الولايات المتحدة بُعيد سقوط الاتحاد السوفياتي وحرب الخليج الثانية كقوة عظمى مسيطرة.

    بيد أن النقطة الخطيرة تكمن في هيمنة السياسة الدولية على مؤسسة قضائية دولية فتيّة كالمحكمة الدولية، التي تحاول إثبات صدقيتها في مواجهة أربع جرائم دولية كبرى: الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجريمة العدوان، وجرائم الحرب. علماً بأن الولايات المتحدة الأميركية كانت قد سحبت توقيعها على ميثاق هذه المحكمة، ورفضت الدخول في ولايتها تجنباً لمحاكمة قادتها العسكريين المنتشرين في قواعد وأعمال عسكرية خارج الأراضي الأميركية. بل وأكثر من ذلك، عقدت الإدارة الأميركية اتفاقات ثنائية مع عشرات الدول لحماية جنودها من أية محاكمة خارج الولايات المتحدة!

    وإذا ما عرفنا أن دولا عربية ثلاثا فقط صادقت على ميثاق المحكمة، هي الأردن وجيبوتي وجزر القمر، وأن السودان لم يوقع أصلا وهو خارج نطاق هذه المحكمة.. لأدركنا الواقع الانقسامي الدولي حول طبيعة المحكمة ووظيفتها، ومدى تداخل القانوني والسياسي في القضاء الجنائي الدولي. وبناء على المادة 12 من نظام المحكمة، فإن ولاية المحكمة الجنائية الدولية لا تمتد إلى الدول غير المنضوية فيها. أي أنه لا مسؤولية مباشرة من المحكمة تجاه الدولة غير الطرف في معاهدة روما، وعليه فإن السودان غير معني في المبدأ بما تتخذ هذه المحكمة من إجراءات. مع الإشارة إلى أهمية تدخل مجلس الأمن في هذه الحالة، سواء مع السودان أو مع غيره من الدول. جاء في المادة 12 من نظام المحكمة ما يأتي:

    «الدولة التي تصبح طرفاً في هذا النظام الأساسي تقبل بذلك اختصاص المحكمة فيما يتعلق بالجرائم المشار إليها..» والجرائم هي: الجرائم ضد الإنسانية، جريمة الإبادة الجماعية، جرائم الحرب، جريمة العدوان.

    صحيح أن التهمة التي ألحقتها المحكمة الجنائية الدولية بهارون وكوشيب هي (جرائم الحرب)، وذلك استناداً إلى قرار مجلس الأمن الرقم 1593 بتاريخ 31/3/2005، الذي أحال الوضع القائم في دارفور منذ بداية شهر تموز (يوليو) 2002 إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية. وهذا هو الأساس الذي يستند إليه مدعي عام المحكمة في مطالبته بالقبض على الرئيس السوداني ومحاكمته...

    بيد أن الصحيح كذلك، هو عدم ولاية المحكمة على دولة ليست طرفاً في نظامها، ناهيك عن أولوية القضاء السوداني في محاكمة أي مسؤول سوداني، استناداً إلى نظام المحكمة نفسه الذي يعطي أولوية المحاكمة للقضاء الوطني على ما عداه من القضاء الدولي. ولو تمكن القضاء السوداني سابقاً من محاكمة المسؤولين المذكورين عن أحداث دارفور، وغيرهما من القادة السياسيين والعسكريين، لكان قد سحب الذريعة من المحكمة الدولية في متابعة ملف دارفور.

    بصرف النظر عن الضغط الدولي على السودان، سواء كان من الإدارة الأميركية، أو من الاتحاد الأوروبي، أو من المحكمة الجنائية الدولية... فإن مسؤولية السلطة في الخرطوم تفترض معالجة أزمة دارفود بعيداً من القتل، والدمار، والتعذيب، والنزوح، وانتشار المرض والجوع. بيد أن طريق المحكمة الجنائية الدولية ليس سالكاً وآمناً في إطار القانون الدولي، للأسباب المذكورة وللاعتبارات السياسية المهيمنة على مجلس الأمن.

    هناك مصالح صينية واسعة مع السودان، وخاصة بعد اكتشاف النفط في الجنوب، وإبرام عقود استثمارية كبرى في هذا البلد الغني بموارده الطبيعية. هذا بالإضافة إلى الموقف الروسي الأقرب إلى الموقف الصيني، وتميّز المواقف الأوروبية عن الموقف الأميركي الضاغط. تبقى المسؤولية الأولى على عاتق السودان ومصر. لماذا مصر؟

    لأن مصر مرتبطة في حياتها وأمنها مع السودان، إنها حقيقة وادي النيل. ولأن تهديد وحدة السودان من شأنه تهديد أمن مصر، والقرن الأفريقي المضطرب أصلاً. ولأن مصالح مصر الاقتصادية مع السودان كبيرة، بعدما زادت الاستثمارات المصرية في السودان على مليار دولار أميركي. والواقع الراهن للعلاقات المصرية-السودانية غير كافٍ لمعالجة الأزمات الحاضرة والآتية. وانكفاء الدور المصري في السودان يهدّد أمن وادي النيل برمته، هذا من بديهيات الجغرافيا السياسية

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 20, 2024 12:39 pm